top of page

رسالة مِنّي لَكَ

Il Tempo Fugge: Text

،عزيزي و صديقي الإنسان

أنت محظوظ جدّا.

كيف لا و قد وهبك الله عمرا لقراءة هته الكلمات!

نعم، أنت في عداد المحظوظين..

أقول هذا ليس لأهميّة أو عبقريّة ما أكتب، بل لأنك مازلت هنا حيّا مواصلا و ماضيا في دروب الحياة.

من الممكن أن تكون الصدفة أتت بك هنا لقراءة ما كتبت، من الممكن أيضا أن يكون شئ آخر لا أستطيع تفسيره لك.

المهم، عزيزي و صديقي الإنسان أود أن أهنئك على وجودك المستمّر في هذا العالم.

قد تقول أكيد، طبعا، الحمد الله!

لكن قد تقول أيضا: على ماذا يهنئني؟

على أحزاني؟

على المصائب و المشاكل التي لا تأبى أن تتركني و شأني؟

على المنزل أو السيّارة أو المال أو العمل الذي لا أملك؟

على الحب الذي لم أعشه و لم أعرف و لم أذق طعمه؟

على ماذا يهنئني؟؟

على الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها و التي لم أتعلم من بعضها؟

على الحظ الذي لم يكن يوما أبدًا حليفي؟

على قساوة الأوضاع و مرارة الحياة؟

أجيبك: نعم أهنئك.

أهنئك بالرغم من كل شئ،

أهنئك لأنك موجود،

لأنك مازلت هنا، بالرغم من كل شئ،

بالرغم من مشاكلك و من مصائبك، و بالرغم من ماضيك و من أخطائك،

بالرغم من جروحك و مواجعك و بالرغم من آلام قلبك و روحك و جسدك،

أنت هنا لأنه يجب أن تكون هنا،

أنت هنا لأنه مقدرٌ لك أن تكون هنا،

أنت هنا لأن دورك في هذا العالم مهما خفى عنك و مهما صَغُر هو مهم و مطلوب،

أعرف أنك قد تكون مكسورا و مجروحا،

أعرف أن أمَلَكَ قد يكون ضئيلا، بل منعدما،

أعرف أنك تحلم بفرحة طال انتظارك لها،

أعرف أنك قد تكون تحمل جبال حزن و أسى على أكتافك،

و الله الخبير أعلم من الكل بما تمر به و بما تعيشه و بما يخيفه قلبك،

لكن عزيزي و صديقي الإنسان،

الله منحك يوما جديدا،

الله أهداك فرصة جديدة لتغير رؤيتك لهته الحياة،

الله أهداك فرصة إتخاذ أهم قرار في حياتك،

إتخاذ قرار أنه مهما حصل و مهما سيحصل لك أن تكون دائما و أبدًا ممتنا الله بهدية الحياة،

بعد إتخاذ هذا القرار المهم، هناك قرارت أخرى أعتقد أنك أيضا قد تحتاجها في رحلتك،

قرّر أنك لن تستسلم للظروف،

قرّر أنك لست لا ضحية و لا مسكينا و لا مظلوما،

قرّر أن لا تلقي اللّوم على الأقدار و لا الأحداث و لا حتى الأشخاص،

قرّر أنك المسؤول الرئيسي الوحيد و أنك قادر على مواجهة كل ما يعترض طريقك،

قرّر تتقبُّل فكرة أن الحياة قاسية و مؤلمة جدا أحيانا،

قرّر أن تتقبّل أنه أحيانا قد تكون مجبرا على التضحية بما تعلّق قلبك به لأجل سلامتك و لأجلك،

قرّر أنك محظوظ لأنك مازلت موجودا هنا و لأن في ذلك فرصة ثمينة لتغيير و تطوير نفسك،

قرّر أن لا تترك الخوف يقودك و يطغى على قرارتك،

قرّر أن هناك دائما إمكانيّة حدوث أشياء جميلة و ذات معنى في حياتك،

قرّر أن تتصالح مع الماضي و أن تتصالح مع نفسك،

قرّر أنك لست أخطائك السابقة، بل أنت ما و من تقرّر أن تكون اليوم،

قرّر أن رؤيتك ليوم جديد في هذا العالم هو في حد ذاته معجزة،

قرّر أن تنهض و أن تسعى و أن تطرق الأبواب،

قرّر أن تحمد و تشّكر الله على ما قدّر و ما كتب لك،

قرّر أنك تستحق الحب و الخير و الزرق و كل ما هو جميل،

قرّر أن تعيش كل يوم كأنه معجزة.

أوّد أن تبتسم!

أوّد أن ترفع رأسك عاليا،

أوّد أن تعلم أن هناك إنسان ما في مكان ما يحلم بما انعم الله عليك من صحّة أو مال أو عقل أو عائلة فكن شاكرا،

أوّد أن تعلم أن الله لم و لن ينساك و أنه سيعطيك عاجلا أم آجلا إن آمنت و عملت و صبرت،

أود أن تعلم أنك قوى و أقوى من الظروف مادمت هنا حيّا ترزق،

أوّد أن تنظر إلى السّماء و تبتسم و تشعر بلطف و ستر و حب الله لك،

أوّد أن تثق أكثر في نفسك و في قدراتك،

أوّد أن تعلم أن هناك أبواب كثيرة في دار الدنيا مازالت تنتظر منك أن تطرقها فتُفْتَح،

أكتب هذه الكلمات و أنا أواجه لحظات من أشد و أقسى لحظات حياتي.

أكتب لك لتعلم أنك لست الوحيد،

لكي تتأكد أنه إن كنت أنا قادرا على المواجهة و الإنتصار و المضي إلى الأمام بكل أمل و شجاعة و حماس، فأنت أيضا قادر أكيد.

أنت قادر و لديك ما يجب.

أكتب و أنا كلي أمل في أن كلماتي قد تزرع الأمل في روح إنسان ما.

أكتب ممتنًا بوجودي في هذا العالم، بأن الله منحني حبّه و كرمه و أنعم علّي بالصّحة و العقل السّليم و القلب النابض و الصبر و القوّة و الشجاعة والعزيمة.

فلا يأس و لا حزن و لا خوف مادامت الثقة لا محدودة فالله.

bottom of page